الجنين في الشهر الخامس: تطوراته الجسدية والنفسية وأهميته في مراحل الحمل
يعتبر الشهر الخامس من الحمل مرحلةً محورية في نمو الجنين وتطوره، حيث تبدأ ملامح الجنين في التبلور بشكل واضح وتصبح الأم قادرة على الشعور بحركاته داخل رحمها. في هذا الشهر، يواصل الجنين تطوره السريع في الحجم والأعضاء، بينما تزداد قدرة الأم على الشعور بتغيرات جديدة في جسدها. يعد هذا الشهر بمثابة نقطة تحول، حيث تظهر علامات عديدة تشير إلى اقتراب الجنين من مرحلة الاستعداد للحياة خارج الرحم.
التطورات الجسدية للجنين في الشهر الخامس
بحلول الشهر الخامس، يكون الجنين قد تجاوز العديد من المراحل الحيوية من نموه وتكوينه. في هذا الوقت، يبدأ الجنين في النمو بسرعة ويكتسب المزيد من الوزن والطول. في ما يلي، نتناول أبرز التطورات الجسدية التي يمر بها الجنين في الشهر الخامس من الحمل:
-
الطول والوزن
في بداية الشهر الخامس، يبلغ طول الجنين حوالي 15 سم، بينما يزداد وزنه تدريجيًا ليصل في نهاية الشهر إلى حوالي 25 سم، أي ما يعادل طول ثمرة الأفوكادو أو التفاحة. على الرغم من أن الجنين ما يزال صغيرًا نسبيًا مقارنة بما سيصل إليه في الأشهر التالية، إلا أن الزيادة السريعة في الوزن والطول تشير إلى نموه المستمر بشكل ثابت. -
الجلد والتكوين الجسدي
في هذا الشهر، يبدأ الجلد في التكون بشكل أكبر ويغطيه طبقة من الزيوت الطبيعية المعروفة بالـ”الطلاء الدهني” (Vernix caseosa)، التي تحمي الجلد من السائل الأمنيوسي الذي يحيط به. كما تبدأ أظافر اليدين والقدمين في التكوين، ويظهر شعر الرأس، وإن كان غير مكتمل. -
تطور الأجهزة الداخلية
يستمر تطور الأجهزة الداخلية للجنين خلال الشهر الخامس. تبدأ الرئتان في التكوين، على الرغم من أنها لا تزال غير قادرة على التنفس بشكل طبيعي. بينما يستمر تطور الكبد والكلى، بحيث تبدأ الكلى في إنتاج البول. كما تكتمل أجزاء من الجهاز الهضمي، ما يسمح للجنين بالابتلاع والتخلص من السوائل. -
تطور الجهاز العصبي
تبدأ الأعصاب في الجنين في التكوين بشكل أكبر، حيث تبدأ الدوائر العصبية بالاتصال ببعضها البعض. كما تظهر إشارات على تطور الحواس، حيث يمكن للجنين أن يميز الأصوات المحيطة به ويستجيب لبعض المؤثرات الخارجية. -
الحركات الجنينية
في الشهر الخامس، تبدأ الحركات الجنينية في أن تكون أكثر وضوحًا، حيث يمكن للأم أن تشعر بركلات الجنين أو حركاته الخفيفة. تبدأ هذه الحركات نتيجة لتطور العضلات والمفاصل، مما يسمح للجنين بتحريك أطرافه داخل الرحم. في بعض الحالات، قد تشعر الأم بتلك الحركات في وقت مبكر من الشهر الخامس، بينما في حالات أخرى قد يكون ذلك متأخرًا بعض الشيء.
التطورات النفسية والعقلية للجنين
بالإضافة إلى التطورات الجسدية، يمر الجنين في الشهر الخامس بتطورات نفسية وعقلية مهمة. ففي هذا الشهر، يبدأ الجنين في تطوير بعض من استجاباته البيئية، بما في ذلك القدرة على الشعور بالألم وبعض المؤثرات الحسية. إليك أبرز التطورات النفسية والعقلية التي تحدث خلال الشهر الخامس:
-
تطور حاسة السمع
واحدة من أبرز التطورات النفسية التي تحدث للجنين في الشهر الخامس هي تطور حاسة السمع. يصبح الجنين قادرًا على سماع الأصوات المحيطية، مثل أصوات نبض قلب الأم أو الأصوات الخارجية الهادئة. تشير الدراسات إلى أن الجنين في هذا الشهر قد يكون قادرًا على سماع الأصوات المألوفة، مثل صوت حديث الأم أو الأب. -
تطور حاسة اللمس
من خلال تطور الأعصاب في الجلد، يبدأ الجنين في تفاعل بسيط مع المحيط الخارجي. يمكن للجنين أن يشعر باللمس الخفيف لجدار الرحم، ويمكنه أيضًا الشعور بالتغيرات في درجة الحرارة والضوء الساطع من خلال جدار البطن. هذه الحواس تعد ضرورية لتكوين المفاهيم الأولية للبيئة المحيطة بالجنين. -
التفاعل مع المؤثرات الخارجية
في الشهر الخامس، يبدأ الجنين في التفاعل مع بعض المؤثرات الخارجية. على سبيل المثال، يمكن للجنين الاستجابة للصوت من خلال الحركة، كما أنه قد يظهر رد فعل عند التعرض للضوء الساطع. تشير بعض الأبحاث إلى أن الجنين يمكن أن يتحرك في اتجاهات معينة إذا تم تعريضه للضوء، مما يدل على بداية التفاعل الحسي مع البيئة المحيطة. -
تكوين الذاكرة المبكرة
على الرغم من أن الذاكرة لدى الجنين في هذه المرحلة تكون محدودة للغاية، إلا أن الدراسات تشير إلى أن الجنين قد يبدأ بتكوين ذاكرة مؤقتة تتعلق بالبيئة الداخلية للرحم. هذا يشمل التفاعل مع الصوت والضوء وكذلك تذكر بعض المؤثرات المكانية.
التغيرات التي تحدث للأم في الشهر الخامس
ترافق تطورات الجنين في الشهر الخامس العديد من التغيرات في جسم الأم، وهو ما يجعل هذا الشهر من الحمل مليئًا بالتحديات والفرص. بداية من الشعور بحركات الجنين وحتى التغيرات الهرمونية، يمكن أن تشعر الأم بعدة تغيرات في هذه المرحلة. نذكر منها ما يلي:
-
الشعور بحركات الجنين
واحدة من أبرز التجارب التي تمر بها الأم في الشهر الخامس هي القدرة على الشعور بحركات الجنين. هذه اللحظة تعتبر فارقة في حمل العديد من الأمهات، حيث تبدأ الأم في الشعور بحركات الجنين داخل رحمها. تتنوع هذه الحركات من الركلات الخفيفة إلى التشنجات المتتابعة، وتزداد قوة مع مرور الأيام. -
زيادة الوزن والظهور البطني
في الشهر الخامس، تبدأ الأم في ملاحظة زيادة ملحوظة في الوزن. يعود ذلك إلى نمو الجنين وزيادة حجم السائل الأمنيوسي. قد يبدأ بطن الأم في الظهور بشكل واضح في هذه الفترة، حيث يكون قد بدأ في التوسع لاستيعاب حجم الجنين المتزايد. -
التغيرات الهرمونية
كما هو الحال في أشهر الحمل السابقة، تظل الهرمونات تؤثر على جسد الأم في الشهر الخامس. يمكن أن تؤدي الزيادة في هرمونات الحمل إلى تغيرات في الجلد والشعر، مثل ظهور علامات تمدد الجلد أو تغيرات في لون البشرة. كما أن التغيرات الهرمونية قد تؤثر في مستوى الطاقة والمزاج. -
أعراض الحمل الأخرى
على الرغم من أن الشهر الخامس غالبًا ما يتميز بتحسن في الأعراض، إلا أن بعض الأمهات قد يواجهن بعض الأعراض مثل احتباس السوائل، حرقة المعدة، أو ألم في أسفل الظهر نتيجة لضغط الرحم المتزايد. في بعض الحالات، قد تشعر الأم بالقلق أو التوتر بشأن صحة الجنين، ما يتطلب المزيد من الرعاية النفسية والبدنية.
الاختبارات والفحوصات في الشهر الخامس
خلال الشهر الخامس من الحمل، تواصل الأم تلقي الفحوصات الطبية اللازمة للتأكد من صحة الجنين والأم على حد سواء. من بين الفحوصات التي قد يوصي بها الطبيب في هذا الشهر:
-
فحص السونار
يعتبر فحص السونار من أبرز الفحوصات التي تجرى في الشهر الخامس، حيث يمكن أن يحدد الطبيب نمو الجنين وتطور أعضائه بشكل دقيق. في هذا الفحص، يمكن الكشف عن أي مشكلات محتملة في تطور الأعضاء أو التشوهات الخلقية. -
اختبار السائل الأمنيوسي
قد يُجرى اختبار السائل الأمنيوسي في الشهر الخامس لتحليل المادة الوراثية للجنين وتحديد ما إذا كان هناك أي مشاكل صحية محتملة. هذا الاختبار يمكن أن يكشف عن الأمراض الوراثية أو الجينية التي قد تؤثر على صحة الجنين. -
فحص مستوى السكر في الدم
يمكن أن يطلب الطبيب فحصًا لمستوى السكر في الدم في الشهر الخامس، حيث قد تزيد فرصة الإصابة بسكري الحمل في هذه المرحلة. يساعد هذا الفحص في ضمان التحكم في مستويات السكر في الدم وتجنب المضاعفات المحتملة.
الخاتمة
يمثل الشهر الخامس من الحمل مرحلة مفصلية في حياة الأم والجنين. خلال هذا الشهر، تبدأ العديد من التغيرات الجسدية والنفسية في التبلور، حيث يزداد نمو الجنين بشكل ملحوظ وتبدأ الأم في الشعور بحركاته. يعد هذا الشهر مرحلةً حاسمة في رحلة الحمل، فهو يشير إلى بداية الاستعداد للمرحلة النهائية من الحمل، التي ستشهد مزيدًا من النمو والتطور، بما يضمن صحة الجنين والأم معًا.

